بَرزَ الثعلبُ يوماً
في شِعار الواعظينا
فمشى في الأرضِ يَهدي
ويَسُبُّ الماكرينا
ويقولُ: الحمدُ للّ
ـهِ إلهِ العالَمينا
يا عبادَ اللهِ تُوبُوا
فَهْوَ كَهفُ التائبينا
وآزهدُوا في الطَّيرِ
إنّ العَيشَ عيشُ الزّاهدينا
واطلُبوا الدِّيكَ يؤذِّنْ
لصلاةِ الصبحِ فينا
فأتى الديكَ رسولٌ
مِن إمامِ الناسكينا
عرضَ الأمرَ عليهِ
وهْو يَرجو أنْ يَلينا
فأجابَ الدّيكُ: عُذراً
يا أضَلَّ المُهتدينا!
بَلِّغِ الثعلبَ عنيّ
عن جُدودِ الصالحينا
عن ذوي التِّيجانِ مِمّنْ
دَخَلَ البطنَ اللَّعينا
أَنّهم قالوا وخَيرُ الـ
قَولِ قَولُ العارفينا
مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً
أنّ لِلثَّعلبِ دِينا
ولد الهدىولد الهدى فالكائنات ضياء
وفم الزّمان تبسّمٌ وثناء
الرّوح والملأ الملائك حوله
للدّين والدّنيا به بشراء
والعرش يزهو والحظيرة تزدهي
والمنتهى والسّدرة العصماء
وحديقة الفرقان ضاحكة الرّبا
بالتّرجمان شذيّة غنّاء
والوحي يقطر سلسلاً من سلسل
واللوح والقلم الرّفيع رواء
نظمت أسامي الرّسل فهي صحيفة
في اللوح واسم محمّد طغراء
اسم الجلالة في بديع حروفه
ألف هنالك واسم ( طه ) الباء
يا خير من جاء الوجود تحيّة
من مرسلين إلى الهدى بك جاؤوا
بيت النبيّين الّذي لا يلتقي
إلّا الحنائف فيه والحنفاء
خير الأبوّة حازهم لك آدم
دون الأنام وأحرزت حوّاء
هم أدركوا عزّ النبوّة وانتهت
فيها إليك العزّة القعساء
خلقت لبيتك وهو مخلوقٌ لها
أنّ العظائم كفوها العظماء
بك بشر الله السماء فزيّنت
وتضوّعت مسكاً بك الغبراء
وبدا محيّاك الّذي قسماته
حقٌّ وغرّته هدى وحياء
وعليه من نور النبوّة رونقٌ
ومن الخليل وهديه سيماء
أثنى المسيح عليه خلف سمائه
وتهلّلت واهتزّت العذراء
يومٌ يتيه على الزّمان صباحه
ومساؤه بمحمّد وضّاء
الحقّ عالي الرّكن فيه مظفّر
في الملك لا يعلو عليه لواء
ذعرت عروش الظالمين فزلزلت
وعلت على تيجاتهم أصداء
والنّار خاوية الجوانب حولهم
خمدت ذوائبها وغاض الماء
والآي تترى والخوارق جمّةٌ
جبريل رواحٌ بها غداء
نعم اليتيم بدت مخايل فضله
واليتيم رزق بعضهوذكاء
المقالات المتعلقة بشعر أحمد شوقي